قصة عوج بن عنق ، حفيد ادم المخيف .
اليوم سوف نروي قصة ، قصة تاريخية مثيرة ، تفاصيلها غريبة وأحداثها مروعة ، وبطلها هو حقا ” مرعب “.
ستدهشك وستأخذك إلى عالم الخيال التاريخي ، وفجأة ستعود إلى الواقع ، وها هي الصدمة !
حقائق تاريخية ، وحقائق غريبة ، ما الذي اعترف به أهل البحث والتاريخ ؟
وهل هذه الشخصية المخيفة موجودة بالفعل ؟
دعونا نغوص في بحر التاريخ الغامض .
من هو عوج بن عنق ؟
أصدقائي الأعزاء ، قصتنا اليوم تدور حول شخصية مثيرة للجدل من كل جانب ، شخصية مذكورة بالاسم الصريح في التوراة والكتب القديمة ، ولكن ليس في القرآن الكريم ، ورغم عدم ذكرها في القرآن ، فقد ذكر عدد من كبار المفسرين قصتها في كتبهم !
شخصية ارتبط اسمها بثلاثة أنبياء ، ونهايته كانت بواحد من الانبياء الثلاثة !
لنرى ما هي القصة … ودعونا نلقي نظرة فاحصة على شخصية أوج بن عناق .
قبل أن نبدأ أصدقائي ، لا تنسوا الاشتراك في اشعارات الموقع ليصلكم كل جديد .
قبل أن أبدأ بكل شيء توصلنا إليه حول شخصية حلقتنا اليوم ، اسمحوا لي أن ألفت انتباهكم إلى حقيقة أنني سأروي القصة أولاً كما هي معروفة أو كما يتم تداولها ، ثم أرويها كما وردت في مختلف الكتب والآراء المؤيدة لها والمعارضة لها في الإسلام أو في الأديان الأخرى .
أكرر سوف نفضح ما يتم تداوله ولا نتبناه ، وسنضع أسماء للكتب التي تناولت هذه الروايات ولن نستشهد بها لفرض صحتها ، بل هو موضوع أثار الخلاف ، ومهمتنا هي تقديم المعلومات التي أثارت هذا الجدل لك ، لترى وتبحث وتتبنى آرائك بشكل واضح فهذا حقك وهذه مهمتنا .
لذا أصدقائي ، سيكون تركيزنا الأساسي اليوم على قصة عوج بن عناق أو عوج بن عناق ، يقال أنه حفيد آدم (عليه السلام) من ابنته عناق كما ذكر عبد الملك العصامي في كتابه ” صمت النجم العوالي ” .
أما سبب إحالة النسب إلى الأم … هنا تبدأ القصة !
كانت عناق أو أونق ابنة آدم ، كانت سيئة مثل شقيقها ” قابيل ” أول قاتل في الإسلام ، كان الفساد الذي فعلته عناق هو الزنا ، حيث اقترب منها الشيطان وأغراها على قايين وابنه ، فذهبت بالفعل وزنت مع كل من طلبها ، لتكون أول زانية على وجه الأرض ، حتى حملت دون معرفة من الاب ، لم تكتفِ عناق بهذا ، بل مارست السحر والأذى .
أنجبت ولدا اسمه ” عوج ” كان يشير إلى والدته. قامت بتربية عوج ابنها حتى كبر سنه ، وكان عملاقًا يجوب الجبال ويحدث فسادًا في الأرض ، تمامًا مثل والدته ، التي استمر فسادها حتى اكتفت أمها حواء !
فدعت حواء إلى الرب أن يريح الناس من شرها ، واستجاب الله لصلاة حواء وأرسل أسدًا في حجم الفيل ليفترسها ، ليريح الناس .
غادرت عنج وبقي ابنها ، كبر الولد حتى قال قائل إنه طوله ثلاثة آلاف ذراع وعرضه 333 ذراعا ، يجب أن أذكر هنا أن جميع الكتب التي رويت قصة العواج سواء كانت رواية أو تصديق أو نفي ، لم تذكر شيئًا عن الوقت الذي قضاها بين آدم ونوح عليهما السلام .
كتاب العهد القديم : عندما حدث الطوفان الشهير وأهلك الله كل من كفر به ولم يؤمن برسالة نوح ، ولم يكن عوج مؤمنًا منذ البداية رغم أنه نشأ في بيت آدم ( عليه السلام ) .
أثناء الطوفان ، حمل نوح في سفينته من أمر الله بحملهم ، فجاء أوج إلى نوح طالبًا أن يحمل معه ، لكن نوح رفض لأنه كان من الكفار ، لكن وفقًا للقصص ، لم تغرق مياه الطوفان أوج ، التي سنعرف شرحه لاحقا !
وصل الماء إلى ركبتيه وفي رواية أخرى إلى عنقه ، إشارة إلى حجمه. تخبرنا الرواية أن العوج كان يصطاد الحيتان من قاع البحر ويشويها في عين الشمس لأكلها دفعة واحدة ، وكان يمسك بالغيوم ويعصرها لشرب الماء .
واستمر العوج الغريب بالكفر ومحاربة الأنبياء حتى بلغ زمن موسى (عليه السلام) ، واستمرت الرواية تخبرنا أن العوج كان في عهد موسى ( صلى الله عليه وسلم) ، بل وأكثر من هذا .
ربطته بعض الروايات التي تناولت قصة عوج بن عنق بالرؤساء الاثني عشر مباشرة ، حتى أن الروايات تقول إن موسى بعد مغادرة مصر مع من تبعوه ، قسموا بني إسرائيل إلى 12 قبيلة ، واختار من كل قبيلة رجلاً ليرسلهم لاستكشاف الأرض الجديدة .
ثم أمر الله موسى (عليه السلام) أن يمشي بني إسرائيل إلى أريحا ، بلاد “جبارين” ، التي تقع في الأرض المقدسة ، وبالفعل سار موسى في الطريق الذي سلكه له ربه حتى اقتربوا من وجهتهم !
أرسل موسى القادة الاثني عشر للبحث عن هؤلاء الجبارين ، خرج القبطان الإثنا عشر لاستكشاف الأرض والتعرف على الأرض الجديدة ، بينما في طريقهم ، وجدهم أحد الجبارين !
من كان هذا ؟ نعم … أوج بن عناق .
عندما سقط القادة في يدي العوج ، ربط كل واحد منهم بقطعة كبيرة من الخشب ، وأخذهم إلى المنزل ليري نسائه ، الأشخاص الذين كانوا يحاولون قتالهم ، كاد أن يطأ عليهم بقدمه ، لكن اقترحت عليه النساء أن يطلق سراحهم ليخبرن أهلهم بما شهدوه في أرض الجبابيرة .
عاد القادة الاثني عشر إلى موسى بعد أن وافقوا على عدم إخبار بني إسرائيل بما شهدوه في تلك الأرض ، حتى لا يخافوا ويمتنعوا عن دخول أرض الجبارين ، ويخبروا موسى وأخيه هارون فقط .
لكن عشرة منهم حنثوا بالوعد ، أما بنو إسرائيل فلما قيل لهم بما ينتظرهم في أرض الجبارين رفضوا الدخول في حرب معهم ، وقالوا لموسى عبارتهم الشهيرة : ” اذهب أنت وربك وحارب ، نحن هنا جالسون ” ، لم يستطع موسى إلا أن يصلي عليهم حتى يضيعهم الله أربعين عامًا ، ويمنعهم من دخول الأرض المقدسة حتى تنتهي سنوات العقوبة .
بعد أربعين سنة عاد موسى ليحقق وعد الله ، نزل مع جيشه أمام مدينة الجبارين ، حيث ظهر عوج بن عنق مرة أخرى ، تقول الرواية أن العوج ألقى نظرة وأحصى عدد جنود موسى ومنطقة المخيم ، فلما كان لديه ما يريد أن يعرفه ، اقتلعت جزءًا من جبل كان بجانبه ، كان بحجم المعسكر وكان غرضه إلقاء الصخرة العظيمة على حرم موسى ، لكن الله كان في عونهم هذه المرة .
حيث تقول الرواية أن الله أرسل طائرا يقطف هذه الصخرة حتى ثقبها لتسقط ويعلق عنق العوج وأصبح مثل الخاتم على رقبته ، ثم انتبه موسى للعملاق وأخذ عصاه ، التي حسب الروايات تبلغ طولها 10 أذرع وقفز قفزة في الهواء تقدر بـ 10 أذرع ، وضرب العوج المحاصر على ركبتيه ، وسقط بقوة على ركبتيه .
قصة غريبة جدا ، أليس كذلك؟
حسنًا ، هذا ما ورد في كتب مختلفة ، لكن دعنا الآن ننتقل إلى الآراء المختلفة حول هذه القصة سواء بين الأديان أو حتى بين العلماء المسلمين أنفسهم .
هل حدث هذا بالفعل ، وهل هذه الشخصية حقيقية ؟
بعد سماع أصدقائي قصة عوج بن عناق ، قد يتبادر إلى ذهنكم أنها أسطورة ، أو حتى إذا ورد ذكرها في الكتب ، لأنه من غير المعقول أن يتم تأكيد المترجمين الإسلاميين . لكن حقيقة أننا سنصل في هذه الحلقة الى ما سيصدمكم ،
لكن من قبل ، اسمحوا لي أن أشاطركم ذكر هذه الشخصية في الديانات الأخرى ، عوج بن عناق هو ملك باشان في الكتاب المقدس ، إذا كان في الكتب القديمة أو حتى الكتب الجديدة مثل سفر التثنية و ” المزامير ” و ” حزقيال ” و ” إشعياء ” وغيرها .
نجد ذلك في ” التوراة “وذكر أنه عوج ملك باشان الذي قتل على يد موسى عليه السلام دون مزيد من التفاصيل .
ولم يذكر صراحة في الإنجيل ، ولكن قصته مأخوذة مما ذكرته التوراة باختصار كمخزن للتعبير والحكمة ، جاءت التفاصيل في قصته من مترجمين مسلمين ، وبالطبع أضاف كل مترجم ما استطاع أن يصل إليه .
لكن الغريب أن الأسماء المشهورة والموثوقة ذكرت هذه القصة في كتبهم .
فمثلا نجد قصة عوج بن عنق في كتب ” ابن عساكر ” و ” الأصبهاني ” و ” الكرماني ” و ” الثعلبي ” وغيرها … والمثير للدهشة أيضا أن هؤلاء المفسرين نقلوا القصة من جدير بالثقة من الأسماء .
فمثلاً نجد أن ” القرطابي ” و ” الثعلبي ” نقلوا قصة ” ابن عمر ” ، و “الكرماني” عن “ابن عباس” ، وأما “ابن المنذر” فقد ذكر أنه من بقية قبيلة “عاد” مما يفسر كبر الطول والحجم لهذا العملاق .
كما ذكرنا سابقاً في قصة أهل عاد .
ذكر “الطبراني” في كتابه “المعجم الكبير” قصة العوج كما فعل “القرطبي” و “الطبري” في تفسيراتهما .
كما ذكر البغوي القصة في تفسيره وذكر أن سبب البقاء هو نفس السبب الذي وضعه القرطبي في كتابه ، حيث يقول “البغوي” عندما أراد نوح صنع السفينة ، احتاج إلى خشب الساج لبناء السفينة ، لكنه لم يكن قادرًا على حملها ، فأنزله الله عليه ليطلب العوجة ، وبالفعل فعل ، فاستجاب العوج ، فكان خلاصه من الغرق أجر لطفه مع نوح عليه السلام ، أما حكاية قتل موسى عليه السلام فقد رواها معظم المعلقين بنفس الطريقة .
ومن ناحية أخرى ظهرت آراء رافضة تمامًا هذه القصة التي اعتبرها البعض مجرد خيال وافتراء ، ونجد “ابن كثير” ، على سبيل المثال ، في كتابه “البداية والنهاية” ، يذكر هذه القصة في ذكر الأخبار الواردة عن ذلك الوقت ، لكنه يقول في نهاية الأمر أن هذه القصة من الإسرائيليين الذين دخلوا كتب التفسير ، وأن عوج بن عناق لم يكن في زمن نوح ولم ينجو من الغرق كسائر الكفار .
و وافقه العالم المسلم “شمس الدين بن القيم” على ذلك ودحضه في كتابه “المنار المنير في الحق والضعيف ، حيث أكد “ابن القيم” بطلان هذه الرواية بناءً على مرجعين أساسيين ، القرآن الكريم والسنة النبوية .
أولاً ، يستحيل على عوج البقاء على قيد الحياة من زمن نوح ونجا من الطوفان إلى زمن موسى ، كما يدل على ذلك ذكر الله تعالى في القرآن الكريم في سورة الشعراء :
( وأيضاً في سورة نوح حيث قال : وَقَالَ نَوحٌ : رَبِّي لا تتركوا من الكفار عازبًا واحدًا على الأرض )
فكيف يغرق ابن نوح ويبقى عوج على قيد الحياة ؟ في رأيهم هو إنكار صريح للآيات السابقة ، ويتابع “ابن القيم” ويقول إن الله أوحى لنوح أن كل من سيبقى على الأرض بعد الطوفان هم من ذريته وهذا تؤكده الآية التي تقول :
“وجعلوا ذريته على الأرض”
عوج : ليس من نسل نوح حسب المفسرين الذين ذكروا قصته في تفسيراتهم ، فكيف يبقى على الأرض بعد الطوفان ؟
ب “إب الكثير” و “ابن الشهباء” كما ذكرنا سابقًا ، ليخبرنا “ابن القيم” حديثًا نبويًا صحيحًا يقول : “خلق الله آدم وطوله في السماء ستون ذراعا وخلقا مازال يقصر “. حتى الآن ” .
إذا أخبرنا نبينا الصادق المعصوم عن هذا ، فلما يبلغ طول العوج أكثر من 3000 دراع ؟ وفي هذا تفنيد لحديث النبي ، طبعا علماء المسلمين المعاصرين يتبنون رأي” ابن الكثير “. و “ابن القيم” الذي استشهد بالقرآن والسنة .
استنتاج العلماء أن العوج إن وجد قد يكون من بقايا أهل “م” وطوله أقل من 60 ذراعا قتلهم موسى (عليه السلام)
لكن هذا لا يمكن تأكيده إطلاقا لوجوده ، لم يرد نص صريح في القرآن أو أحاديث الرسول .
حفظ كل ما ورد في هذا الشأن في كتب المترجمين العظام ومن الأحاديث المنقولة من مصدر إلى آخر .
وإبقاء قصة عوج بن عنق موضع جدل آخر من تلك الفترات التاريخية ، ولغز لا يعرف حقيقته إلا الله .
هكذا أصدقائي :
- هذا ما كان في جيوبنا عن عوج بن عناق ، أول من ينسبه لأمه بدون أبيه .
- العملاق المخيف بالوصف الخيالي . عملاق عاش بين الأنبياء من آدم إلى موسى عليهم السلام مع أنه لم يؤمن بالله في جميع الأديان .
- هذا فتح الباب واسعا للتفسير ودفع بالأسئلة التي لم تحسم إجاباتها حتى يومنا هذا !.
- ما رأيك هل عوج بن عنك شخصية حقيقية ؟.
- أم أنها نتيجة قصص من إسرائيليين بمعلومات مضافة ؟.
- هل هو ابن بنت آدم عليه السلام أم ملك باشان كما ورد في الكتب القديمة ؟.
- وهل نجا حقًا من الفيضان الذي غمر العال؟ ، وعاش حتى عهد النبي موسى وما تلاه من أحداث غريبة لقتله على يده ؟.
- وهذه العصور القديمة والغامضة المليئة بالأسرار والألغاز ، هل سنتمكن يومًا ما من إيجاد إجابة نهائية لأي منها ؟.
الله وحده يعلم